مايكروسوفت وكلاود فلير: تحالف لانتزاع عرش بحث الإنترنت من جوجل

ADMIN

Administrator
طاقم الإدارة
أعلنت شركة مايكروسوفت عن تعاون استراتيجي مع شركة كلاود فلير، في خطوة وُصِفت بالمحاولة الجادة لإعادة صياغة مشهد البحث عبر الإنترنت الذي ظل لسنوات طويلة خاضعاً لهيمنة جوجل.

يرتكز التعاون الجديد على تطوير معايير جديدة مصممة خصيصاً لتتلاءم مع أدوات الذكاء الاصطناعي المتنامية، ما يمثل ثورة في الطريقة التي يتفاعل بها المستخدم مع الويب.

المعايير التي جرى الإعلان عنها تحمل تسميات مختلفة تعكس فلسفة كل طرف؛ إذ أطلقت مايكروسوفت على معيارها الجديد اسم “إن إل ويب” (NLWeb)، بينما قدَّمت “كلاود فلير” معيارها تحت اسم “أوتو راغ” (AutoRAG)، حيث يشكلان معاً منظومة متكاملة تعمل بتنسيق يهدف إلى إعادة تعريف آليات الوصول إلى المعلومات.

لا تقتصر هذه الخطوة على تطوير تقني فحسب، إذ تُمثِّل تحدياً مباشراً للآليات التقليدية التي جعلت جوجل في موقع الصدارة خلال العقدين الماضيين.

فبينما اعتمدت محركات البحث منذ ظهورها على الكلمات المفتاحية والمرادفات والفهرسة النصية للوصول إلى النتائج، فإن المعايير الجديدة تتجاوز هذا النموذج تماماً، إذ تسعى إلى قراءة محتوى المواقع نفسها بشكل مُعمَّق، ثم تحليله وأرشفته بطرق تجعل أدوات الذكاء الاصطناعي قادرة على الوصول إلى المعلومات بسرعة ودقة غير مسبوقة.

وفق هذه الرؤية، يصبح الإنترنت جاهزاً لاستقبال حقبة جديدة من التفاعل مع أدوات الذكاء الاصطناعي، ما يعني تبسيط عملية الوصول إلى المعلومات بشكل جذري.

فالمعيار الأول “إن إل ويب” يعمل على إعادة تنظيم صفحات المواقع الإلكترونية عبر تقسيمها إلى نقاط نهاية مهيكلة وواضحة، بحيث تُختصر عملية الفهم والاستخلاص في مسارات محددة يسهل على أنظمة الذكاء الاصطناعي التعامل معها.

والنتيجة: تقليص الحاجة إلى مسح كامل الموقع، والاكتفاء بفحص هذه النقاط للوصول المباشر إلى المحتوى.

لا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يتيح المعيار الجديد ميزة متقدمة تتمثل في إمكانية إرسال الأوامر مباشرة إلى الموقع الإلكتروني، بدلاً من الاكتفاء بتمرير روابطه إلى أدوات الذكاء الاصطناعي وانتظار محاولتها تفسير البيانات داخله.

هذه النقلة تختصر الطريق بين المستخدم والمعلومة، وتفتح الباب أمام تجربة بحث أكثر سلاسة وتفاعلية.

unnamed




معايير جديدة تتحدى الكلمات المفتاحية التقليدية


على الجانب الآخر، يُقدِّم معيار “أوتو راغ” من كلاود فلير آلية تكميلية تعتمد على تحويل صفحات الإنترنت إلى مقاطع برمجية مضمنة داخل قاعدة بيانات الموقع، حيث يجري فهرسة هذه المقاطع لاحقاً لتكون جاهزة للفحص المباشر من قبل أدوات الذكاء الاصطناعي.

هذه المقاربة التقنية تجعل البيانات أكثر مرونة وأقرب إلى لغة الآلة، ما يعزز دقة النتائج وسرعة الوصول إليها.

تتمثل الفلسفة الكامنة خلف هذه الخطوة في تسهيل قنوات الاتصال بين الذكاء الاصطناعي وصفحات الويب، لتتحول عملية البحث من مجرد استرجاع روابط إلى تفاعل مباشر مع البيانات نفسها، لتصبح النتيجة أكثر دقة وكفاءة، مقارنةً بالصفحات التقليدية التي كانت تعتمد على الفهرسة النصية.

من جانبها، تُخطط مايكروسوفت لإدماج هذه المعايير الجديدة في منظومتها الرقمية بالكامل، بدءاً من محرك البحث “بينج”، مروراً بمتصفح “إيدج”، وصولاً إلى أداة الذكاء الاصطناعي “كوبايلوت”.

يهدف هذا الدمج في الأساس إلى إكساب الشركة ميزة تنافسية واضحة تمنحها فرصة التفوق على جوجل ومختلف اللاعبين في هذا السوق. فيما يأتي هذا التوجه في سياق عالمي يتسم بازدياد الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي في الحصول على المعلومات.

ومع تزايد ثقة المستخدمين في قدرة هذه الأدوات على تقديم إجابات دقيقة ومباشرة، فمن المتوقع أن تُمثِّل هذه المعايير أولى اللبنات في بناء إنترنت مستقبلي، يختلف جِذرياً عن الإنترنت الذي اعتدناه في العقود السابقة.

unnamed 1 1




مستقبل البحث على الإنترنت


لطالما ارتبط مفهوم البحث عبر الإنترنت باسم جوجل، محرك البحث الشهير الذي تمكن منذ مطلع الألفية من ترسيخ هيمنته المطلقة بفضل خوارزميات تعتمد على الفهرسة النصية وربط الكلمات المفتاحية بالصفحات الأكثر صلة.

غير أن هذا النموذج، الذي منح “جوجل” لقب “عملاق البحث”، يواجه اليوم تحدياً غير مسبوق مع دخول “مايكروسوفت” و”كلاود فلير” إلى الساحة بخطاب تقني جديد، حيث يكمن الفارق الجوهري بين النموذجين في طريقة التعامل مع المعلومات:

  • جوجل: يعتمد -حتى الآن- بشكل أساسي على ترتيب النتائج وفق الروابط والشهرة ومدى تطابق الكلمات المفتاحية.
  • مايكروسوفت: تراهن -وشريكتها- على جعل الصفحات مهيأة بشكل أصلي للتفاعل مع الذكاء الاصطناعي، لتجاوز البحث التقليدي إلى ما يشبه “الحوار المباشر” مع البيانات.



هذا التحول قد يُضعف تدريجياً دور الكلمات المفتاحية، التي لطالما شكَّلت أساس صناعة تحسين محركات البحث (SEO) على مدار العقدين الماضيين.

فإذا نجحت هذه المعايير الجديدة في فرض نفسها، فإن ممارسات مثل “حشو الكلمات المفتاحية” أو بناء الروابط الخارجية لن تعود ذات جدوى أمام نماذج ذكاء اصطناعي تستطيع قراءة الموقع وفهم مضمونه بشكل مباشر.

بالنسبة لجوجل، ما يزيد من خطورة التحدي أن المعركة لا تُخاض فقط على مستوى محركات البحث، بل تمتد لتشمل المتصفحات وأدوات الذكاء الاصطناعي المدمجة داخل المنظومات الرقمية.

وفي الوقت الذي تواصل فيه جوجل الاعتماد على محركها التقليدي مع بعض الإضافات الذكية، تعمل مايكروسوفت على بناء منظومة متكاملة تمنحها أفضلية في دمج التجربة بشكل سلس وموحد.

بمعنى آخر، لم تعد المنافسة مجرد سباق في النتائج بعد أن تحولت إلى سباق في البنية التحتية للإنترنت نفسه، وإذا ما نجحت هذه الرؤية، فقد يشهد العالم للمرة الأولى منذ أكثر من عشرين عاماً تآكلاً حقيقياً لهيمنة جوجل على عرش البحث، مع بزوغ عصر جديد عنوانه الذكاء الاصطناعي التفاعلي.



المصادر:

Cloudflare

Windows Central

ظهرت المقالة مايكروسوفت وكلاود فلير: تحالف لانتزاع عرش بحث الإنترنت من جوجل أولاً على بلوك تِك.

المصدر
 
عودة
أعلى